اخبار الوادي الجديد

لهذا السبب..الصحافة فى الوادى الجديد مهنة البحث عن المتاعب

بقلم : حمدى مبارز

صدق من قال… أن مهنة الصحافة هى مهنة البحث عن المتاعب …وكان ينقص هذه العبارة ..” وخاصة فى الوادى الجديد “.

حقا أن مهنة الصحفى مهنة صعبة للغاية خاصة عندما تمارسها فى مجتمعات ذات طبيعة خاصة مثل بلدنا الوادى الجديد.

فالصحافة سلطة شعبية على المجتمع وأطلق عليها السلطة الرابعة بعد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وقد ضمن لها الدستور والقانون جقها وحريتها فى ممارسة الرقابة الشعبية على المجتمع ، من حيث الضمانات التى توفر للصحفى فى ممارسة عمله وحقه فى النقد وملاحقة الفساد والتعبير عن مشاكل المواطنين والحصول على المعلومات وحضور المؤتمرات والاجتماعات وعدم الملاحقة أو القبض على الصحفى أو التحقيق معه إلا بعد موافقة النقابة وحضور ممثل عنها.

وإذا كان الصحفيون بشكل عام يواجهون العديد من الصعاب والعقبات فى ممارسة عملهم فى كل مكان ، فأن الوضع فى بلدنا الوادى الجديد يختلف بوجود مشكلة من نوع خاص وهى أن المواطن يخلط بين عمل الصحفى وعمل حلال المشاكل أو الشئون الاجتماعية ، وفى نفس الوقت يخلط المسئول بين علاقته الشخصية بالصحفى وبين علاقة العمل ويزعل عندما ينشر الصحفى مقالا أو تحقيقا يمس عمله وكأنها بداية خصومة وإعلان حرب.

وقليل من المسئولين من يقدر ويستوعب طبيعة عمل الصحفى ، وأن الصحفى عندما ينشر أو يكتب عن مشكلة أو يتناول قضية جماهيرية فهذا عمله الذى يجب أن يؤديه ، وليس بالضرورة أن يعرض على المسئول قبل النشر ، وإلا فأنه بذلك يتحول إلى وسيط شعبى ( حلال مشاكل) ويفقد وظيفته وهى النشر.

نعم هناك أمور يمكن التواصل بشأنها قبل النشر أو حتى البحث عن حلول لها وعدم نشرها ولكن القاعدة الأساسية هى النشر لأنها وظيفة الصحفى.

وكثيرا ما كنت اسمع من الزملاء المراسلين الذين يعملون معنا فى جريدة “أخبار الوادى الجديد” عبارة ” أن فى مشكلة وصلت له أو هناك خبر مهم ولكن عذرا لن استطيع كتابته او نشره ” ..لماذا  ؟؟  .. ”  عشان المسئول الفلانى ما يزعلش “!!.

وفى إحدى المرات كان هناك سبقا صحفيا كبيرا يسيل لعاب أى صحفى محترف باحث عن الخبطات الصحفية الكبرى التى تصنع المجد الصحفى ، والغريب والصادم أن كل المراسلين وكل الصحفيين فى المحافظة وصلهم الخبر  والكل امتنع عن النشر ، مما أثار استغرابى كصحفى محترف يعتبر أن ذلك خيانة للمهنة كضابط الشرطة التى وقعت عينه على جريمة وغض بصره عنها.

وحقيقة أنا شخصيا كثيرا ما عاتبنى مسئولين أصدقاء على ما ننشره ، ولكنى كنت اشرح لهم الأمر وكان البعض منهم يستوعب ويفهم ولا يخلط الأمور.

فأنا كصحفى لا يمكن أن يتصل بى مواطن لعرض مشكلة أو قضية خاصة أو عامة أو أرصد بنفسى وضعا معينا يستحق النشر ، واتجاهل الأمر من أجل عيون المسئول الصديق.

والحمد لله على مدار 30 عاما فى مهنة الصحافة لم نخشى فى الحق لومة لائم ، وكنا ومازلنا ننتقد بشدة أداء مسئولين كبار تربطنا بهم علاقات شخصية وطيدة ، واستطعنا بثباتنا على المبدأ وتحملنا لزعل وغضب البعض أن نرسى القاعدة وأصبح غالبية المسئولين يعرفون عنا ذلك مما جعلهم يقبلون النقد بكل صدر رحب.

أما فيما يخص المواطن فأنه ينظر للصحفى كملاذ له لتوصيل صوته للمسئول وحل مشكلته ، وكثير من المواطنين لا يعرف أن مهمة الصحفى هى النشر وليس حل المشكلة مع المسئول وهذا ايضا أمر يصعب عمل الصحفيين فى الوادى الجديد.

ولعل طبيعة المحافظة ومعرفة الناس بعضهم البعض وتشابك الروابط والعلاقات والعشم هو سبب هذه الحالة.

والمؤسف أن هذا الوضع حول العديد من المراسلين إلى مجرد ناقلى أخبار فقط من نوعية قام المسئول.. نام المسئول… وغاب المقال الصحفى الناقد أو المقال ذو الرؤية وغاب التحقيق القوى الذى يتناول قضية جماهيرية.